Thursday, October 20, 2016

رولان بارت .. موت مختلف






قلة هم الذين يعرفون رولان بارت عربياً ، إلّا ان كل من يهتم بالكتابة وفي بناء النص تحديداً ، يهتم كثيراً بـ رولان بارت ...

رولان بارت فيلسوف وكاتب وناقد فرنسي ويعتبر من الأعلام الكبار في التاريخ المعاصر ..
لم يكن الكثيرون يعرفون من هو رولان بارت الذي توفي والده بعد ولادته بعام خلال معركة تسمى بحر الشمال عام 1916، وعاش حزن اليتم ...
في شبابه اصيب بالسل ، فمنعه هذا المرض من اكمال دراسته الى حين ..
منع الناس عن زيارته اثناء مرضه فإزداد حزنه كثيراً ، إضافة الى الحزن الذي خلفه اليتم وأيضاً محاربة الكثير من الكتاب التقليديين لأفكاره واطروحاته المتقدمة ، مما دفعه الأمر الى العزلة !
لم يصاحب رولان بارت في عزلته سوى الكتابة والرسم والتصوير الفوتوغرافي ... والموسيقى التي يقول عنها : إن الموسيقا تجعلنا تعساء بشكل أفضل ...
اما عن حبه الكبير للأدب فـ يقول عنه : لو سألتُ نفسي اليومَ لماذا أحبّ الأدب، فالجواب الذي يتبادر عفويًّا إلى ذهني هو: لأنّه يُعينُني على أن أحيا، لم أعد أطلب منه، كما في الصِّبا، تجنيبي الجراح التي قد تُصيبني من لقائي بأشخاص حقيقيّين ...
تنامى اسم بارت بعد ذلك وأصبح كاتباً أسطورياً ظهرت عنه الكثير من المقالات والكتب إضافة الى ما انجزه بارت من اعمال فكرية عظيمة !
في عام 1977 صُدم بارت بوفاة والدته .. فـ كبر معنى الفقد والوحدة والحزن .. فقد المتكأ الوحيد الذي يلوذ به !
فأصبحت بعد ذلك حياته حداداً طويلاً ...



وهذا ما كان واضحاً في كتبه :
المحايد والغرفة المضيئة
وأيضاُ شذرات دفتر الحداد الذي يقول فيه بارت :
«لم أكن مثلها؛ لأنني لم أمت معها»
«لست في حداد، إنني حزين»
«تنتابني فكرة مرعبة صورها شعوري بأن أمي لم تكن كل شيء بالنسبة إليّ وإلَّا لما كنتُ قد كتبتُ كلَّ ما كتبت إلى الآن… وقد لاحظتُ أيضًا أن أمي كانت، قبل مرضها، تتعمَّدُ أن تكون مخلوقًا شفيفًا لا يكاد يُرى حتى أتمكن أنا من الكتابة» !
 فكرة الموت صاحبت بارت في كتاباته  فيقول عن الرواية مثلاً :
«الرواية موت، إنها تجعل من الحياة قدرًا، ومن الذكرى فعلًا مفيدًا، ومن الديمومة زمنًا مُوجّهًا ذا دلالة»
فققد كتب الفيلسوف جاك دريدا مقالاُ عن ما كتبه بارت عن الموت بعنوان:
"موتُ رولان بارت المُتعدِّدُ "
اما النهاية فقد كانت غريبة مثل حياته وحزينة
وعظيمة أيضاَ ...
ففي عام 1980 كان رولان بارت معتاداً على عبور الشارع من مكتبة الكوليج دوفرانس باتجاه محطة مترو السان ميشيل عندما دهسته سيارة فقتلته.
وعندما حاكموا السائق .. كان القاضي يتحدث عن أهمية بارت : إن رولان بارت ...
فسارع السائق إلى اسكاته قائلاً:

 منذ الحادث و أنا أقرأ لـ بارت ، لقد فهمته وعرفت أهميته , ولو انتم حريصون على أهمية مثلى هذه القيم الأدبية في حياتنا كان الواجب يحتم عليكم أن تصدروا إعلاناً في الصحف للسائقين يقول "لا يحق لكم المرور في الساعة الخامسة أمام الكوليج دوفرانس , لأن رجلاً عظيما كـ رولان بارت يعبر الشارع" !

No comments:

Post a Comment