Sunday, September 4, 2016

‏خطبة الهندي الأحمر الأخيرة، واحدة من أعظم الخطب في التاريخ


من خطبة "سياتل"زعيم هنود "دواميش"
وتعرف بـ "خطبة الهندي الأحمر"
وقد ألقاها في شعبه سنة 1854
في حفل استسلامي تاريخي
لإبرام المعاهدة التي أجبر فيها على تسليم بلاده
---
"زعيم واشنطن الكبير" يقول لي،في رسالته، أنه يريد أن يشتري بلادنا.ويقول لي أنه صديقي،وأنه يكنً لي مودة عميقة. 
ما ألطف زعيم واشنطن الكبير،ولا سيما أنه في غنى عني وعن صداقتي!
لكننا سننظر في ما يعرضه زعيم واشنطن الكبير،فنحن نعرف أننا إذا لم نبعه بلادنا فسوف يجئنا الرجل الأبيض مدججا بسلاحه وينتزعها.
كيف نستطيع أن نبيع أو نشتري السماء ودفء الأرض؟
ما أغرب هذه الأفكار!!!
كيف نبيع طلاقة الهواء؟كيف نبيع حباب الماء ونحن لا نملكها ؟
كل شبر من تراب هذه البلاد مقدس عند شعبي.كل خيط من ورق الصنوبر،كل شاطئ رملي،كل مدى من الضباب في غياهب الإحراج،كل حشرة تمتص ما تمتص أو تطنّ؛كله مقدس في ذاكرة شعبي وتجربته مع الحياة.
النسغ الذي يسيل في الأشجار يجري بذكريات الإنسان الأحمر.موتى الإنسان الأبيض ينسون مهدهم عندما يمشون بين النجوم. أما موتانا فأبداً لا ينسون الأرض الطيبة لأنها أم الإنسان الأحمر.نحن منها،وهي منا.
الأزهار العاطرة أخواتنا.الغزال والحصان والنسر العظيم كلهم إخوتنا.القمم الصخرية.ندى المروج.ودفء جسد الحصان،كلهم من هذه،الأسرة الواحدة. إذن فحين يقول زعيم واشنطن الكبير أنه يريد أن يشتري بلادنا،إنما يسألنا ما لا يطاق.
زعيم واشنطن الكبير،يقول في رسالته أنه يريد أن يشتري بلادنا،وأنه سيهبنا مطرحاً يلمّنا، نعيش فيه سعداء وأنه سيكون لنا أبا وأننا سنكون أبناء له، لذا سننظر في ما يعرضه زعيم واشنطن الكبير حول شراء بلدنا،علما بأنه عرض لا يطاق،لأن أرضنا مقدسة.
هذه المياه التي تشع وهي تجري في السواقي والأنهار ليست مياها، أنها دماء أجدادنا. وإذا قررنا أن نبيعك بلادنا فاذكر أنها مقدسة. وقل لأبنائك أنها مقدسة.كل طيف يتراءى في صفاء مياه البحيرات ينبئك عن ذكريات شعبنا وتاريخه. وما تهمس به المياه هو صوت جدي. هذه الأنهار اخوتنا. أنها تطفئ ظمأنا، وتحمل مراكبنا، وتطعم أطفالنا. وإذا قررنا أن نبيعك بلادنا فاذكر وعلّم أبناءك أن هذه الأنهار إخوتنا وعليك أن تحبها كما تحب من ولدته أمك. 
 
ينهزم الإنسان الأحمر أمام زحف الإنسان الأبيض مثلما ينقشع ضباب الجبال أمام شمس الصباح. لكننا نرى رماد آبائنا مقدساً، وقبورهم بقيعا مقدساً. وهكذا نرى الهضاب والأشجار. ونعتبر هذه البلاد قسمتنا. ونعرف أن الرجل الأبيض لا يفهمنا. تستوي هذه الأرض عنده والأرض المجاورة. لأنه الغريب الذي تسلل في ظلمات الليل فنال من هذه الأرض كل ما تمنى. إنه لا يرى الأرض أختاً له بل عدوا يقهره ثم يمضي. ها هو يهجر قبر أبيه ولا يعبأ، ويتركه وراء ظهره ولا يعبأ. إنه يسرق الأرض من أبنائها ولا يعبأ. هذه قبور آبائه ومهاد أبنائه منسية. وها هو ينظر إلى أمه السماء فلا يراها إلاّ سلعة تسرق أو تباع كالأغنام والخرز. أن جشعه يلتهم الأرض فلا يغادرها ألا صحراء ....
"لا يترك هذا الرجل الأبيض حيث يحل ويرحل شبرا من ارض دون ضجيج. لم يبقى لديه مكان لسماع حفيف الأوراق وتفتحها في الربيع، أو لسماع طنين أجنحة الحشرات. ولكن لربما أنني متوحش،لا افهم أن الضوضاء تصم الأذنين. وما يتبقى للحياة حين يعجز الإنسان عن سماع صرخة طائر السبد، أو يصغي في أعماق الليل لنقاش الضفادع حول البركة. لكن لربما أنني إنسان احمر، لا افهم. 

"الهنود يفضلون صوت الريح العذب وهي ترمح فوق بركة المياه، ورائحة الريح المعشقة بمطر الظهيرة أو المعطرة برائحة الصنوبر. 
"الهواء عند الإنسان الأحمر ثمين، فكل ما على الأرض يتنفس منه. الحيوانات والأشجار والبشر كلهم يتنفسون من نفس واحد أما الإنسان الأبيض فيبدو انه لا يعرف أنه يتنفس، وكأنه رجل مات منذ أيام. كل ما فيه بليد حتى النتانه. ولكن إذا قررنا أن نبيعك بلادنا فاذكر أن الهواء ثمين عندنا، وأن روح الهواء تتغلغل في كل من يتنفس منه. أن الريح التي وهبت جدنا الأكبر أول شهيق هي التي استردت منه زفيره الأخير. أن على هذه الريح أن تمنح أبنائنا روح الحياة. فإذا بعناك بلادنا فاجعلها حراماً، وقدّسها كأنها مقام يحج إليه الرجل الأبيض ويتذوق فيه الريح المحلاّة بأزهار المروج. 
وإذن، فسننظر في عرض شرائك بلادنا، وسيكون لنا شرط واحد إذا قبلنا ببيعها: أن يعامل الرجل الأبيض حيوانات الأرض كما يعامل أخواته. 
لربما أنني متوحش ولا أفهم. لكني شاهدت ألف جاموس منتن في البراري قتلها الرجل الأبيض من قطار عابر. لعلّي متوحش ولا أفهم كيف أن هذا الحصان الحديدي المدخن أعظم في عينيه من الجاموس الذي لا نقتلها إلا لكي نبقى على قيد الحياة. 
 
ما الإنسان بدون هذه الحيوانات؟ إذا انقرضت فسوف يموت من توحش روحه. ما يصيب الحيوانات سرعان ما يصيب البشر. فكل الأشياء متمارجة.
لابد ان تعلّم أبنائك أن أديم الأرض تحت أقدامهم من رفات أجدادنا. بذلك يحترمون الأرض.علمهم ما علمنا أولادنا أن هذه الأرض أمنا، وان المكروه الذي يصيبها سوف يصيب أبناء الأرض. إذا بصق إنسان على الأرض فإنما يبصق على نفسه.
 
هذا ما نعلّم، أن الأرض لا تعود إلى إنسان، بل هو الإنسان يعود إلى الأرض. هذا ما نعلّم: كل الأشياء متمارجة كما الدم الذي يوحد العائلة. كل الأشياء متمارجة. ما يصيب الأرض سوف يصيب أبناء الأرض. الإنسان لا ينسج عنكبوت الحياة بل هو خيط في هذا النسيج. وما يفعله للنسيج يفعله بنفسه.
لكننا سننظر في عرضك أن نذهب إلى المطرح المخصص لشعبي لنعيش وحدنا بسلام. لم يعد يهم أين نمضي بقية حياتنا. إنها أيام معدودة، بضع ساعات إضافية، بعض شتاءات ...ثم لن يكون هناك أطفال من هذه الشعوب العظيمة التي عاشت يوما على هذه الأرض، وهاهي ذي شراذم ضئيلة تتسكع في أعماق الأدغال. لن يكون هناك أطفال يبكون على قبور بشر كانوا ذات يوم مثلكم أقوياء طافحين بالآمال. ولكن لماذا أبكي زوال شعبي؟ إن القبائل لا يصنعها إلا الرجال. أما الرجال فيجيئون ويرحلون مثل أمواج البحر. حتى أنت أيها الرجل الأبيض الذي تمشي مع ربك وتحاكيه صديقاً لصديق لن تنجو من هذا المصير. ولعلنا _في النهاية _إخوة وسوف نرى. 
أاعلم شيئاً واحداً قد يكتشفه الرجل الأبيض يوماً. أعلم أن إلهي وإلهه واحد. إنكم تعتقدون أنكم تملكون هذا الإله مثلما إنكم تريدون أن تملكوا أرضنا. إنه إله الإنسان وقد وسعت رحمته الإنسان الأحمر والإنسان الأبيض. إن هذه الأرض غالية عنده. وان إيذاء الأرض لابد أن يثير غضب خالقها. لسوف تمضي أنت أيضا أيها الإنسان الأبيض. وربما ستمضي قبل غيرك. هيا أمعن في تلويث فراشك ولسوف تختنق يوما في قمامتك. 
لكنك _ ولحكمة لا يعرفها إلا الإله الذي جاء بك إلى هذه البلاد_ أعطاك سلطانا على الأرض وعلى الإنسان الأحمر. إن هذا المصير ما يزال لغزاً عندنا. 
 
أين الأيكة؟ ولت 
أين النسر؟ اختفى 
ما معنى أن تقول وداعا للصيد وللحصان الرشيق ؟
أنها نهاية الحياة وبداية مغالبة الموت 
 
وإذن، سننظر في غرضك أن تشتري بلادنا. فلئن رضينا فلكي نأمن على أنفسنا في ما وعدتنا به من مطرح نعيش فيه. هناك. ربما، سوف نعيش آخر أيامنا. وحين يزول آخر إنسان أحمر فوق الأرض، ولا يبقى منه إلا ظلال سحابة تعبر البراري ستظل هذه الشطآن والغابات مسكونة بروح شعبي. 
وإذن، إذا بعناك أرضنا فأحبها كما يحب الوليد خفقان قلب أمه. 
وأذن، إذا بعناك أرضنا فأحبها كما أحببناها، واستوص بها خيرا كما استوصينا. واحتفظ من أرضنا بصورة لها مثلما كانت يوم أخذتها. 
وبكل ما أُعطيت من سلطان، وكل ما فيك من عقل وقلب: استوص بأرضنا وصنها. 
احبها كما يحبنا الله جميعا 
إنني أعلم أن إلهنا إلهكم واحد، وأن هذه الأرض غالية عليه. واعلم أن الرجل الأبيض أيضا لن يفلت من يد المصير. وفي النهاية...لعلنا أخوان وسوف نرى.

رسالة دوستويفسكي إلى أخيه


رسالة دوستويفسكي إلى اخيه

قلعة بطرسبرج في 22 ديسمبر 1849م

أخي يا صديقي العزيز! لقد حُسم مصيري! لقد أدانوني بأربع سنوات من الاشغال الشاقة في سجن سيبيريا. وبعد الخروج من السجن سوف اصبح مجندا محروما من الحقوق المدنية بما فيها حق الكتابة لمدة ست سنوات.. سوف اروي لك القصة من أولها. لقد نقلونا الى الساحة العامة لسجن القلعة. وهناك قرأوا علينا حكم الاعدام. ثم أمرونا بتقبيل الصليب

وكسروا سيوفنا فوق رؤوسنا باعتبار اننا انتهينا. وبعدئذ اغتسلت غسلة الموتى، ثم ألبسونا الاكفان يا أخي. وصفّونا ثلاثة، ثلاثة على الجدار تمهيدا لرمينا بالرصاص. كان ترتيبي السادس، وكنت انتمي الى الوجبة الثانية التي سينفذ فيها حكم الاعدام. ولم تبق لي الا دقيقة واحدة لكي أعيش. في تلك اللحظة فكرت فيك يا اخي، في اللحظة القصوى التي لا تتجاوز الثواني كنت انت وحدك في خيالي. وعندئذ عرفت الى اي مدى أحبك يا أخي الحبيب.

وقد أبلغت أنهم يا أخي الحبيب سيرسلونني اليوم أو غداً. وقد طلبت رؤيتك فأخبروني أن هذا محال وأن كل ما يستطيعونه أن يسمحوا لي بالكتابة إليك. وأنا أخشى أن يكون قد بلغك الحكم علينا بالإعدام ، فقد نظرت من نافذة العربة التي حملتنا إلى ساحة الإعدام ورأيت في الطريق جمهوراً كبيراً وخشيت أن يكون من رأوني قد أبلغوك وآلموك بذلك. ولكن الآن يمكن أن تهنأ بشأني يا أخي

لا تظن أن الحكم قد هدّني أو غمّ علي.. فالحياة في كل مكان هي الحياة. هي بداخلنا وليست فيما هو خارج عنا. وسيكون قريباً مني أناس وسأكون رجلاً بينهم،وأبقى كذلك للأبد، ولن يهن قلبي أو تفشل عزيمتي أمام المصائب. وهذا في اعتقادي هو الحياة أو الواجب في الحياة

وقد حققت ذلك وصار هذا الخاطر جزءاً من لحمي ودمي. أجل فهذا الرأس الذي كان يبتكر ويعيش سمو الحياة الفنية والذي حقق أسمى الحاجات الروحية، هذا الرأس قد قطع من عاتقي ولم يبق عندي سوى الذكريات والخيالات التي اخترعها ولكنها لم تتجسم في ذاتي بعد، وأعرف أنها ستمزقني. ولكن ما يزال باقياً لي قلبي وهذا اللحم والدم الذي ما يزال قادراً على الحب والألم والرغبة.ولا تنس أن هذه هي الحياة. أجل مازلت أرى الشمس

قبّل زوجتك وأولادك و أذكرني عندهم كيلا ينسوني فعلنا نلتقي يوماً ما
أخي أوصيك بالعناية بنفسك وأولادك وأن تعيش في هدوء ويقظة وأن تفكر في مستقبل أولادك

عش عيشاً إيجابياً إني ما شعرت قط بوفرة الحياة الروحية في شخصي كما أشعر بها الآن وأنا مريض. ولكني لا أبالي بذلك. أخي لقد كابدت من الحياة الشيء الكثير حتى ما يكاد شيء يخيفني الآن في العالم فليكن ما هو كائن وسأكتب إليك في أول فرصة وأرجو أن تضغط على أيدي الجميع وتصافح جميع أولئك الذين لم ينسوني. وأكتب خطاباً إلى إخوتي وأخواتي وأفعل ذلك باسمي و أدعوا لهم بالسعادة
ربما نلتقي يا أخي في المستقبل. لا تهمل العناية بنفسك بل عش وأبق حياً فعلنا نتعانق يوماً ونذكر شبابنا ذلك الوقت الذهبي، ذلك الشباب وتلك الآمال التي أمزقها الآن من قلبي ودمي كي أدفنها

هل يمكن أن أتناول القلم بيدي مرة أخرى؟ أظن أني سأعود للكتابة بعد هذه السنوات الأربع وسأرسل لك كل شيء أكتبه إذا أنا كتبت و رباه، كم من خيالات عشت فيها، اخترعتها ستموت وتنطفئ في دماغي، أو تتمزق وتسير في دمي كالسهم، أجل. إذا لم يسمح لي بالكتابة فإني سأموت. وخير لي من ذلك أن أسجن خمس عشر عاماً ويكون في يدي قلم. أكتب لي كثيراً وأكتب بالتفصيل والإسهاب وأذكر لي حقائق كثيرة. وفي كل خطاب أكتب لي عن الأسرة مع التفصيل ومع ذكر ألأشياء التافهة. ولا تنس هذا، الخطابات تعيد لي الرجاء والحياة. آه لو تعرف كم أحيتني وأتعستني رسائلك التي وصلتني وأنا في القلعة. الشهران والنصف الماضيات حين منعوني من كتابة الرسائل أو تسلمها من أشق ما كابدته وقد كنت مريضاً

لما أهملت أنت إرسال النقود إلي ساورني القلق من أجلك لأني فهمت من عدم إرسالك للنقود إنك في حاجة شديدة. قبّل الأطفال مرة أخرى، فوجوههم الصغيرة لا تغيب عن بالي. ولا تحزن لأجلي وثق إني لم أهن والرجاء لم يهجرني، وبعد أربع سنوات سأعود وأعانقك لقد كنت في قبضة الموت ثلاثة أرباع الساعة وعشت هذه المدة بهذا الخاطر. وبلغت آخر لحظة من الحياة وها أنا ذا حي مرة أخرى

وإذا كان أحد يتذكرني بسوء ،أو إذا كنت قد تشاجرت مع أحد أو أسأت إليه فأخبره إذا لقيته بأن ينسى الإساءة وليس في نفسي مرارة أو نقمة على أحد، وأود أن أعانق في هذه اللحظة كل واحد من أصدقائي السالفين، وقد شعرت اليوم بالراحة وأنا أودع أحبابي الأعزاء قبل الموت، وخطر ببالي في هذا الوقت أن خبر إعدامي سيقتلك ولكن استرح الآن فأنا مازلت حياً

أسأل ماذا تفعل؟ وبماذا فكرت اليوم؟ وهل عرفت شيئاً عنا؟ وما هو مقدار البرد اليوم؟ آه ما أشوقني إلى أن يصل خطابي هذا إليك بسرعة. إذا تأخر فاني سأبقى أربع أشهر بدون خطاب منك. وقد رأيت الرسائل التي أرسلت فيها النقود لي منذ شهرين وكان عنواني مكتوباً عليها بخطك سررت برؤية الخط
عندما ألتفت إلى الماضي وأتذكر مقدار الوقت الذي ضاع عبثاً وكم منه ضاع في الأوهام والكسل والجهل بالعيش، وكيف أني لم أقدر الوقت حق قدره، وكيف جنيت على قلبي وذهني، أحس أن قلبي يسيل دماً. أجل إن الحياة عطية وهي سعادة وكان من الممكن أن نجعل من كل دقيقة منها عصراً طويلاً من السعادة

الآن حياتي تتغير وأنا أولد من جديد في شكل آخر .أخي .أقسم لك أني لن أفقد الأمل وسأصون روحي وقلبي في الطهارة، وميلادي الجديد سيكون إلى حال أحسن من حالي الماضية. وهذا كل رجائي وعزائي

إن حياة السجن قد قتلت في جسمي مطالب اللحم التي لم تكن كلها طاهرة، ولم أكن قبل هذه الحياة أعنى بنفسي كثيراً أما الآن فالحرمان لا قيمة له عندي ولذلك لا تخشى علي من المشاق المادية وتحسب أنها ستقتلني ،لن يحدث هذا

وداعاً وداعاً يا أخي. إني أعانقك بقوة وأقبلك بحرارة ،تذكرني بلا ألم في قلبك، فأرجو أن لا تحزن. سأخبرك في خطابي الآتي بما يتم لي. تذكر عندئذٍ ما أخبرتك به: لا تعش جزافاً دائماً دبر حياتك ورتب حظك وتفكر في أولادك.آه لو أراك إني أنزع نفسي الآن من كل شيء أحببته.وهذا النزاع مؤلم .ومن الموجع أن أقطع نفسي نصفين وأشق قلبي شقين. وداعاً ولكني سأراك، أنا واعٍ فلا تتغير وأحبني ولا تدع ذاكرتك تبرد. وذكراك ستكون أحسن شيء في حياتي. ومرة أخرى وداعاً

وداعاً لكم جميعاً

لمّا قبض علي أخذوا مني كتباً عدة ولم يكن بينها سوى كتابين ممنوع تداولهما.فهل لك أن تطلب الباقي لنفسك ،ولكن لي طلباً وهو أن أحد الكتب يحتوي على مؤلفات فاليرمان مايكوف.وهو مقالاته الأنتقادية .وهذه النسخة كنت أخذتها من أوجينيا بتروفنا .وكانت تعدها كنزاً وقد أقرضتها لي ،ولما قبض علي طلبت من الشرطي أن يرد إليها الكتاب وأعطيته عنوانها .ولا أعرف إذا كان قد رده .أسأل عن ذلك، لأني لا أحب أن أحرمها هذه الذكرى وأخيراً وداعاً

أخوك:
ف.دوستويفسكي

على الهامش: لا أعرف هل أمشي أم أركب فرساً.وأظن أنهم سيركبون الخيول.ربما.قبل يد أميلي فيدروفنا وقبل الصغار واذكرني عند كريافسكي .وأكتب لي عنك
:أخوك
ف.دوستويفسكي